نعم أريد مرشحا إسلاميا فهم
الإسلام تعلق بجوهره ذلك الدين الذي انتشر بسماحته وقيمه التي يغرسها في
المجتمع
سوف أختار في انتخابات الرئاسة المقبلة
– إن تمت - مرشحا إسلاميا عن قناعة كاملة إيمانا مني بأن الإسلام هو دين
كل العصور، ولم يقيده الله عز وجل بالتفاصيل التي تجعله متناقضا مع أي زمن
من الأزمنة، فنحن كما قال الرسول الكريم عندما سئل عن شيء خاص بزراعة
النخيل "أعلم بشئون دنيانا" ولكن الله - عزوجل - حين تحدث عن حقائق ثابتة
لن تتغير في العلم بتغير قدرات الإنسان قال "والأرض بعد ذلك دحاها" ليكشف
عن حقيقة لم يكتشفها العلماء سوى بعد نزول القرآن بقرون كثيرة.
من المعروف أن العبادات والحدود في الإسلام عندما فرضت تم فرضها تدريجيا
ولم تفرض بين يوم وليلة، فرضت عندما بدأت الدولة الإسلامية تتشكل ويكون
لها شكل مجتمعي يستطيع المسلمون من خلاله ممارسة حياتهم اليومية، ولم تفرض
على المسلمين في دعوتهم الأولى السرية التي كانوا يضطهدون فيها داخل حتى
غادروها مهاجرين إلى المدينة المنورة، فالحياة في الإسلام كانت قبل
التكليفات العظيمة.
الإسلام هو دين الإنسانية قبل أن يكون دين الحدود والعبادات، وجميعنا
يعلم قصة عام الرمادة عندما أصاب القحط أرض الحجاز، ولم يقم عمر ابن الخطاب
حد السرقة على السارق مستغلا سلطاته كأمير للمؤمنين، بل قام بواجباته كراع
ومسئول عن رعيته بأن قام بمراسلة أمراء المسلمين في البلدان المجاورة
طالبا منهم ما يقيم صلب رعيته في أرض الحجاز، فالأصل في الحاكم المسئولية
عن توفير العيش لشعبه قبل أن يكون مسئولا عن تطبيق حدود الله.
والإسلام أيضا دين الحرية؛ فعندما كان يتم تعذيب المسلمين الأوائل على
أيدي كفار قريش، وهناك من المسلمين تحت التعذيب الشديد من نطق بكلمات كفر
لا يقرها قلبه، لم تخرجه هذه الكلمات من الدين، لأنه لم يكن حرا، فالحرية
في الإسلام قبل تطبيق الحدود.
حتى المرأة المتزوجة التي زنت ولم يعرف بها أحد وذهبت إلى رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – لتقر بذنبها ويقيم عليها حد الزنى وابنها الرضيع على
يدها، أمرها الرسول – عليه الصلاة والسلام – أن تعود إليه ثانية عندما يفطم
طفلها ليقيم عليها حد الزنى المتمثل في القتل رجما بالحجارة، ولم يقم
عليها الحد فورا وحالا مع أنه كان يستطيع، ولكنها إنسانية الإسلام، الدين
الذي جاء رحمة للعالمين.
من لم يعرف من الإسلام إنسانيته فهو لم يعرف الإسلام، من لم يعرف قيمه
وأخلاقه فهو لم يعرف الإسلام، وهذا ما يخص المجتمع من الإسلام بعكس
العبادات التي تخص الفرد، فالأديان كلها فيها عبادات وطقوس، ولكن جوهر
الأديان هو القيم والأخلاق والإنسانية وهو ما أكد عليه الإسلام بسماحته.
نعم أريد مرشحا إسلاميا فهم الإسلام، تعلق بجوهره، ذلك الدين الذي انتشر
بسماحته وقيمه التي يغرسها في المجتمع، والتجار المسلمين الذين نشروا
الدين في جنوب شرق آسيا بأمانتهم وصدقهم وحسن معاملتهم خير مثال؛ فهؤلاء
ذهبوا للتجارة من أجل كسب قوت يومهم ولكن قيم الإسلام التي اكتسبوها
وطبقوها نشرت الدين وإن لم يدعوا له صراحة، بعكس هؤلاء الذين يتاجرون
بالدين ليكسبوا الدنيا فيتصيد المتربصون بالدين أخطاءهم ويلصقوها به.
أريد المرشح الذي يلمس القيم الإنسانية التي أقرها الإسلام، وهتف بها
الإنسان المصري عندما نزل ثائرا يوم 25 يناير؛ عيش حرية عدالة اجتماعية،
هذا هو المرشح الإسلامي الذي سوف أنتخبه، لأن هذا هو جوهر الإسلام الذي
اهتم بالمجتمع المسلم وصلاحه ولم يعتم فقط بالفرد وعباداته، ولنذاكر دروس
التاريخ لنرى كيف تميز حكام المسلمين بالقيم التي عرفوا بها؛ بالعدل الذي
أقاموه وبالحق الذي كان نبراسهم، ولم ينقل التاريخ إلينا حكاية الحاكم الذي
كان يتعبد كثيرا رغم أهمية العبادات للفرد.
سوف أنتخب المرشح الإسلامي الذي أراه إسلامي المنهج والروح حقا ولا
يعنيني إن كان يطلق على نفسه إسلامي أو لا، فقط ما يعنيني أن يكون قد عرف
الإسلام الذي ارتضيته دينا لي وليس الإسلام الذي يتاجرون به، المرشح
الإسلامي الذي يتمتع بقيم الإسلام ومبادئه؛ فلا يكذب ولا ينافق ولا يتحايل
حتى لو لم يطلق على نفسه إسلاميا لا المرشح الذي يطلق على نفسه إسلامي و كل
ما يربطه بالإسلام عباداته ومظهره الشخصي وكلمة إسلامي التي يلصقها بجانب
اسمه.
يا سادة الإسلام أكبر بمراحل من أن يطلق بعضنا على نفسه أنه يمثله من
حيث المنهج.. يا أفاضل أدركوا الإسلام وأدركوا المنهج واتركوا الحديث
باسمه، فإن أصبتم فهي قيم الإسلام التي غرسها في المجتمع وسوف يكسب الإسلام
ويكسب المجتمع، وإن أخطأتم فهي أخطاؤكم ولا يجوز أن يشارككم الإسلام
أخطاءكم وهو منها بريء حتى لا يخسر الإسلام ويخسر المجتمع!